.
ومما لا ريب فيه عندي أنَّ سيبويه لم يكتفِ بالنَّحو والفقه والآثار، بل ضَرَب في كلِّ علم من علوم عصره بسهم، قال ابن عائشة: «كُنَّا نجلس مع سيبويه النَّحوي في المسجد، وكان شابًّا نظيفًا جميلًا، قد تَعلَّق من كل علم بسبب، وضرب في كل أدب بسهم، مع حداثة سنِّه وبراعته في النَّحو، فبينا نحن ذات يوم إذ هَبَّت ريح فأطارت الورق، فقال لبعض أهل الحلقة: انظر أيَّ ريح هي؟ وكان على منارة المسجد تمثال فرس، فنظر ثُمَّ عاد، فقال: «ما ثبتت على حال.
ومنهم: يونس تلميذ ابن العلاء أيضًا، وقد عاش كذلك بعد سيبويه، ويُروى أنَّه لما مات سيبويه قيل ليونس بن حبيب: إنَّ سيبويه قد ألَّف كتابًا في ألف ورقة من علم الخليل، قال يونس: ومتى سمع سيبويه هذا كله من الخليل؟ جيئوني بكتابه، فلما نظر فيه ورأى كل ما حكى قال: يجب أن يكون هذا الرجل قد صدق عن الخليل في جميع ما حكاه عنه، كما صدق فيما حكاه عني.
فقلت: حدِّثني بما جَرى بينك وبين سيبويه من المناظرة.