فمَن قَصَّر في المحبة، قَصَّر في كمال الإيمان الواجب، وإن كان معه أصل الإيمان؛ لأن الإيمان يتبعض، وقد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث جميع أنواع المحابِّ، التي تكون بين الآدميينَ، فالناس يحب بعضهم بعضًا، إما لأجل الإجلال والتقدير - كمحبة الأب - أو محبة تحنن وشفقة - كمحبة الولد - أو محبة لأجل الإحسان وصفات الكمال القائمة بالمحبوب، فيجب للنبي - صلى الله عليه وسلم - كل أنواع المحاب؛ بل حتى يكون أحب منَ النفس التي بين جنبي الشخص؛ فعن عبدالله بن هشام، قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذٌ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: "يا رسول الله، لأنت أحب إليَّ مِن كل شيء، إلا مِن نفسي"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك ، فقال له عمر: "فإنه الآن، والله، لأنت أحبُّ إليَّ مِن نفسي"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الآن يا عمر ؛ رواه البخاري 6632.
ومن دلائل محبَّته: قراءة سيرتِه والتعرُّف عليه؛ لأن محبَّته تقتضي التعرُّف عليه والوقوف على سيرته وحياته وأوصافه وخلقه، ولا تتأتَّى المحبةُ بالمجهول مُطلقًا، ولا يتأتَّى الدفاع عنه والذبُّ عن سنَّته لمن كان جاهِلاً به لا يعرف حقَّه.