المصدر: مجلة الأزهر السنة 42 - الجزء الثاني صفر 1390هـ.
والفرار جبن وخور، وإيذاء للمسلمين وخيانة لهم، فإنه يحدث في الصفوف الفرقة، ويفت في العزائم ويضعف الهمم، ويشجع العدو على الإغارة على من ثبت من المسلمين، بل كثيراً ما يكون الفرار وبالاً على الفارين، فقد يكون سبباً في قتلهم شر قتلة، فيموتون كما يموت الجبناء ليس لهم في الدنيا ذكر، وليس لهم في الآخرة من نصيب إلا اللعنة وعذاب النار.
أَمَّا الذِينَ يَتْرُكُونَ المَعْرَكَةَ فِرَاراً وَهَرَباً مِنَ المَوْتِ ، فَإنَّ اللهَ تَعَالَى يَتَوَعَّدُهُمْ بِالعَذَابِ الألِيمِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
بل إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كان يوجّه عموم المسلمين إلى مثل ذلك، فجعل -صلى الله عليه وسلم- أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر؛ حيث حاجة الأمة وهذا السلطان في وقت الجور أشد منها وأوكد في غيره، إضافة إلى أنّ جور هذا السلطان قد يمنع كثيرين من القيام بهذا الواجب في هذا الوقت بخلاف ما لو كان عادلًا؛ حيث سيكثر الناصحون لأمنهم من جوره، ولعلّ ذلك ما جعل مَن يقوم بهذه المهمّة عند السلطان الجائر: أفضل الشهداء لو قتله هذا السلطان.