أما العامل الثاني الذي زاد الثورة في اليمن استعارًا فالخلاف في الجنس، فقد أقام أبو بكر فيروز على صنعاء مقام شهر حين قتل ذو الخمار، وكان شركاء فيروز في المؤامرة بقتل الأسود داذويه الذي كان وزيرًا معه لشهر، وجشنس صاحبهما، وقيس بن عبد يغوث قائد الجند، وكان فيروز وداذويه وجشنس من الفرس، وكان قيس عربيًّا من حمير اليمن، لذلك نفس قيس على فيروز أن أسند أبو بكر إليه الأمر من دونه وعزم قتله … لكنه رأى حين أمعن النظر أن قتل فيروز قمين أن يجر إلى فتنة يقاومه فيها الأبناء جميعًا، والأبناء هم طائفة الفرس التي استقرت باليمن منذ حكمها الأكاسرة، وقد كبرت هذه الطائفة وعلت مكانها أن كان الحكام منها، فإذا لم يستنفر قيس عرب اليمن جميعًا للقضاء على الفرس جميعًا كان حريًّا أن يصيبه ما أصاب الأسود من الإخفاق، وأن يفقد حياته كما فقد الأسود حياته.
وقد بدأ مولاي عبد الملك حركة تحديث في فاس مستفيدا من تبعية عرشه للعثمانيين، فأصلح الجيش ونظمه على الطريقة العثمانية، واستقدم له المعدات والتجهيزات الحديثة في تلك الفترة.
لا أراني في حاجة إلى أن أقول إن هذا الهرم وهذه السِّنة يرجعان إلى جحود الأمم التي انحلت عن الإمبراطورية الإسلامية للمبادئ الجوهرية التي قامت هذه الإمبراطورية على أساسها، مبادئ الإسلام في صفاء جوهره، ذلك أمر يلمسه المحقق المنصف لتاريخ هذه الإمبراطورية، ويراه في أطواره المتصلة منذ بدأ الخلاف بين المسلمين من أهل شبه الجزيرة إلى أن جسمت الفرقة بين العرب والعجم شقة هذا الخلاف، وفتحت به الأبواب واسعة للتدهور والانحلال.
والمضحا لنا زين ومرّه نشيله بالجواعد عجينه الله يرحمهم ويرحم جميع المسلمين القصيدتين الأخيرتين.