لقد كانت علاقة الدولة الرستمية متوترة مع الأغالبة الذين يمثلون الدولة العباسية، ولكنهم كانوا على علاقة طيبة بالأمويين فى الأندلس،وذلك لأن الأمويين كانوا يبادلون العباسيين الكراهية والعداء.
ويشاء الله أن تتقد نيران هذه الاضطرابات،وقد عقمت الأرض عن أن تلد منقذًا يقضى على هذه المطامع،وظلت الأمور بين أيدى خلفاء ضعاف أقصى أمنياتهم من الحياة بعضهذه الأموال التى يدرها العمال عليهم؛لينعموا مرفهين برغد الحياة.
العامة وهارون الرشيد وقبل أن ننتقل بحديثنا عن هارون الرشيد إلى غيره من الخلفاء العباسيين، تبقى كلمة لابد من قولها: فقد ارتبط اسم هارون الرشيد فى أذهان العامة بحكايات ألف ليلة وليلة، باللهو والمجون،وما كانت هذه حقيقة الرجل من قريب أو بعيد،وإنما عمد المستشرقون والمستهترون إلى تشويه صورة الرجل،لكى تبدو صورة الخلافة الإسلامية مشوهة،وأن المسلمين قوم لاهَمَّ لهم إلا إشباع غرائزهم،لا يصلحون لقيادة الأمم وعمارة الأرض.
ويحاط المتوكل علمًا بما حدث،ويستشير معاونيه،ولكن معاونيه أخبروه بما يعترض إرسال الجيش من عقبات تتمثل فى أن أهل"البجة"يسكنون الصحارى، ومن الصعب وصول جيش المتوكل إليهم،فلم يرسل إليهم فى بادئ الأمر، وتمادى البجة فى عدوانهم وتجرءوا،فأخذوا يُغيرون على أطراف الصعيد، حتى خاف أهله على أنفسهم وذرياتهم،واستغاث أهل الصعيد بالمتوكل، فجهز جيشًا بقيادة محمد بن عبد الله القمى من عشرين ألف رجل، على أن يعينه القائمون بالأمرفى مصربما يحتاج إليه الجيش من طعام وشراب ومؤن.