فما هو حل الاختلاف المذموم الذي انتشر فيما بيننا ان في العصور الاخيرة اصاب المسلمين في هذا الداء العضال المستعصي فيما بينهم ان الله ما فرط في كتابه الا وقد ذكر وقد امرنا الله اذا حصل الخلاف المذموم بين المؤمنين ان يتصالحوا ويتئآخوا ويتفقوا ولا يختلفوا إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ فقد زجر رسول الله بالوعيد الشديد على قاطع الرحم لأنها تجعل الفرقة بين الاهل وبين المسلمين وتفرق الجماعات والاحباء وتنافر الاخوة وقد تضعف شوكتهم وقوتهم وقد ذكر الله في كتابه اشد زجراً ووعيداً فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم 22 أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله» رواه البخاري ومسلم — نبي الله يوسف واخوته لما جاءوا اليه وهم ضعفاء جياع يتسولونه ويستنجدونه وقد عرفهم قال لهم هل علمتم ما فعلتم بيوسف واخيه قالوا ءانت يوسف قال انا يوسف قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ولم يفكر مرة بسوءٍ ولا الانتقام وكان بقدرته ان ينتقم منهم اشد الانتقام ويعذبهم ويسجنهم لأنه كان عزيزاً في البلد ولم يراجع ذاكرته في ايام صغره وهو كان ابن السابعة من عمره بعد ان القوه اخوته في البئر وارادوا قتله لأن القاء البئر اشد من القتل واصبح بعد ما القوه في البئر مملوكاً شروه بثمن بخس خادماً في قصر العزيز انما قال لهم قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ حن عليهم ان يغفر الله لهم وان يرحم لهم ولم يفكر في ذات نفسه بما فعلوا له بل فرح بلقاء اخوته بعد قطيعة دامت اربعين سنة والتصالح معهم فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين 99 ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم — نبي الله يوسف وزليخاء امرأة العزيز لما اعترفت بذنبها وجريمتها وقالت قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ما قال كما قالت هي لما البسته تهمة الزنا وهتكت عرضه وكرامته وشرفه وهو ابن نبي ابن نبي ابن نبي وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ لم يشتكي عنها الملك ماذا انت فاعل بهذه المرأة بعد ان اعترفت بذنبها انما ترك وشأنها ونسي ما مضى فكر كيف يصلح بهذا البلد الذي شاع فيه الفساد والمفسدين وقال قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ والله ما طلبها حباً للحكم ولا حباً للدنيا وشهواتها وزخارفها انما طلبها ليصلح هذا البلد لأن ملكهم كان فاسداً وزوجته كانت فاسدة ونساء البلد كانوا مفسدين وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم — يعقوب عليه السلام وابناءه لما اعترفوا بخطئهم وقالوا له قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين لم يعنفهم ولم يزجرهم ولم يفتح لهم ماضي الاليم ولم يقل لهم انتم الذين حرمتم ابني فلذة كبدي وجعلتموني اعيشوا في حزن وحرقة وكئآبة حتى فقدت عيني طيلة اربعين سنة وكذبتم علي انما فكر بذنوبهم وان يغفر الله لهم ولم يفكر في نفسه قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم — نبي الله موسى واخاه هارون عليهما الصلاة والسلام:- لما اسلموا معظم بني اسرائيل ودخلوا الدين افواجاً وكان نبي الله موسى موعداً مع ربه وترك القوم على اخيه ليستمروا في عبادة الله وان يعلمهم الدين وان يحل محل اخيه ولما وصل نبي الله موسى الى ربه في مكان الموعد قبل القوم قال له ربه وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ.
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، إِلاَّ صُلْحًا حَرَّمَ حَلاَلاً ، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا ، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ، إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً ، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا.