فقد وصفهم القرآن الكريم بأنهم امة ٌ وسَطا ً وبأنهم خيرُ امةٍ أخرجَت للناس وقد نقل غير واحد من المفسرين ومنهم الطبري أن المقصود هنا هم أصحاب رسول الله عليه الصلات والسلام إلى غير ذلك من الأدلة الصريحة التي تترضى عنهم وتبين فضلهم وبعض خصائصهم النفسية والبدنية والجماعية التي تؤهلهم لحمل الأمانة العظيمة.
ثالثا : إن تصورهم لعدالة الصحابة على هذا النحو لايعني سلخهم من طبيعتهم البشرية والانتقال بهم نحو عالم الملائكية المطلقة وإسباغ صفة العصمة عليهم بمعنى أنهم لايذنبون أبدا وهذا ما لم يقل بهاأحد من أهل العلم في القديم والحديث وأراد علماؤنا بذلك التأكيد على إن الغالب على طباع الصحابة كان الطاعة والتدين وتجنب المعاصي وتحري الحق والتمسك به وفي هذا السياق يروى عن الإمام الشافعي رضي الله عنه قوله لو كان العدل من لا ذنب له لم نجد عدلا ولو كان كل مذنب عدلا لم نجد مجروحا ولكن العدل من اجتنب الكبائر وكانت محاسنه أكثر من مساويه على هذه الأسس الثلاث بنا علماؤنا مبدأ عدالة الصحابة ولم يدخروا جهدا للدفاع عنه وتأصيل الأدلة التي تثبته من الكتاب العزيز والسنة المطهرة والإجماع والعقل وتأتي بعدها كتب التاريخ والسير والتراجم غير إنها وكما قلنا في الجزء الأول من هذا البحث خاضعة عند هم لمنطق شديد الصرامة يخضع رواياتها وأخبارها كي تتسق مع أدلة تعديلهم الصريحة في الكتاب والسنة ومع ما اجمع عليه علماء الأمة منذ عهد التابعين وما دل عليه منطق العقل الرشيد الخالي من رواسب التعصب للعرق والمذهبية الضيقة والمعتقدات التي تخالف إجماع السواد الأعظم من الأمة.