فانتخب عاصم أفضل فرقة من ، وكانوا من أفضل القبائل رميًا بالسهام، وبدأت هذه الفرقة برمي قائدي الفيلة بالسهام، فكان كل فيل حاملاً تابوتًا كبيرًا عليه أكثر من قائد، وقسَّم عاصم من معه إلى فرقتين: فرقة ترمي قُوَّاد الفيلة بالسهام، والأخرى تندس داخل الجيش الفارسي لتقطع أحزمة التوابيت التي فوق الأفيال، وكانت فكرة عاصم أن تفقد هذه الفيلة توجهها لتتجه نحو الجيش الفارسي.
فرجع يرسف في قيوده، ويقول: كفى حزنا أن تردي الخيل بالقنا وأترك مشدودا علي وثاقيا إذا قمت عناني الحديد وأغلقت مصاريع دوني قد تصم المناديا وقد كنت ذا مال كثير وإخوة فقد تركوني واحدا لا اخاليا ولله عهد لا أخيس بعهده لئن فرجت ألا أزور الحوانيا فحلَّتْ عنه قيوده، وحمل على فَرَس كان في الدار، وأُعطي سلاحًا، فخرج يركض حتى لَحِق بالقوم، فقاتل قتالاً عظيمًا، وكان يكبِّر، ويحمل على مَن أمامه من الفُرْس، فيقتله ويدقُّ صُلْبه، فلما صعد سعد فوقَ البيت؛ لينظرَ ما يصنع الناس، فنظر إليه سعد، فتعجَّب منه، ويقول: مَن ذلك الفارس؟ فلمَّا توقَّف القتال رجع أبو محجن، ورد السلاح، وجعل رجليه في القَيْد كما كان، فلمَّا علم سعد بقصَّته، حلَّ قَيْده، وقال: لا أَجْلِدك في الخمر أبدًا، فقال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها أبدًا.