أما من الأحاديث الشريفة عن المعصومين عليهم السلام : فقد رووا ذلك عن باقر العلم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح.
ولكن الذي يؤثر على عدد الركعات هو القصر الذي يختلف عن الجمع، ومحل رخصة القصر هو السفر، لما في قوله عز وجل: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ}، ومعنى ضربتم في الأرض أي سافرتم، فإذا كان جمع الصلاة واقعًا أثناء السفر، فإن الصلاة تقصر لعلَّة السفر، لا لعلة الجمع، فتصير الصلاة الرباعية ركعتين، وأما المغرب فلا تقصر وتبقى ثلاث ركعات كما هي.
تقريب الاستدلال بالآية : أن الله سبحانه وتعالى قد افترض على عباده في اليوم خمس صلوات ، أربعا منها من دلوك الشمس - وهو الزوال على الصحيح - إلى غسق الليل - وهو انتصافه - ، فالظهر والعصر من زوال الشمس عن كبد السماء إلى غروبها ، وتشتركان في الوقت إلا أن الأولى قبل الثانية ، وكذا المغرب والعشاء تشتركان في الوقت من الغروب إلى غسق الليل إلا أن المغرب قبل العشاء ، وأفرد تبارك وتعالى صلاة الفجر بالذكر في قوله جل ثناؤه : وقرآن الفجر.
وقد بينت السنة الشريفة هذه الأوقات بالتفصيل: حيث إن وقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، ووقت العصر من حين أن يصير ظل كل شيء مثله إلى غروب الشمس، ووقت المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر، ووقت صلاة العشاء من غروب الشفق الأحمر إلى نصف الليل، ووقت الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وهذا كله من حدود الله تعالى لأوقات الصلوات سواء في كتابه العزيز أم بسنة نبيه الكريم، فمن صلى صلاة قبل وقتها فهو آثم وصلاته غير مقبوله؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وعليه فمن جمع صلاة العصر إلى صلاة الجمعة فقد صلاها قبل أن يدخل وقتها، وهو أن يصير ظل كل شيء مثله فتكون الصلاة هنا باطلة.