.
ثالثًا: أن نفي التشبيه على الإطلاق غير صحيح؛ لأن ما من شيئين من الأعيان أو من الصفات إلا وبينهما اشتراك من بعض الوجوه، والاشتراك نوع تشابه، فلو نفيت التشبيه مطلقًا، لكنت نفيت كل ما يشترك فيه الخالق والمخلوق في شيء ما، مثلًا: الوجود، يشترك في أصله الخالق والمخلوق، هذا نوع اشتراك ونوع تشابه، لكن فرق بين الوجودين، وجود الخالق واجب, ووجود المخلوق ممكن, وكذلك السمع فيه اشتراك، الإنسان له سمع، والخالق له سمع، لكن بينهما فرق، لكن أصل وجود السمع المشترك, فإذا قلنا: من غير تشبيه, ونفينا مطلق التشبيه، صار في هذا إشكال.
ونفى عن ربه وصفًا أثبته لنفسه فهذا مجنون، فالله -جل وعلا- يثبت لنفسه صفات كمال وجلال، فكيف يليق لمسكين جاهل أن يتقدم بين يدي رب السموات والأرض، ويقول: هذا الذي وصفت به نفسك لا يليق بك ويلزمه من النقص كذا وكذا! وهذه المعرفةُ لا تكونُ معرفةَ إحاطةٍ بذاتِ ربِّكم بل بمعرفةِ ما وَصفَ بهِ ذاتَهُ مِنَ الصِّفَات.
.